إن الله قد وهب للإنسان نعمه ، و جعل كل شيء مسخراً لأجله ، و من هذه النعم
نعمة ( الخيوط ) !
إن الخيوط لها فوائد كثيرة ، منها صنع الملابس ، و شبكات الصيد ، و الخيوط الجراحية التي
تعمل على معالجة بعض الأمراض الجلدية ، إلى غير ذلك من الفوائد ..
كما نعلم أن الخيط يستخرج من دودة القز ، هذا بالنسبة لخيوط الحرير ..
و لكن .. كيف ذلك ؟!
هذا ما سنتعرف عليه الآن :
يتم الحصول على الخيوط بتربية دودة القز في أجواء تختص بها ، حتى تضع البيض ، ثم يجمع
بيضها ليوضع في جهاز تفقيس خاص ، و عندما يفقس يخرج منه ديدان صغيرة و سوداء ، وهذه هي
اليرقات ، و يتم تغذيتها بعد ذلك بشكل مستمر حتى تنمو ، و في هذه الفترة تغير اليرقة جلدها حوالي
أربعة مرات ، وذلك نتيجة للتغذية التي تجعلها تكبر بسرعة ، هذا إذا وضعت بيضاً بالصيف ..
أما إذا وضعت بيضاً في الخريف الذي تسقط فيه أوراق التوت ، فإن البيض يحفظ مثلجاً حتى الربيع
وقت نمو الأشجار و خضرتها .
و في المرحلة التي تسبق مرحلة تحولها لفراشة ، توضع في إناء خاص فتنسج حولها خيوطاً
طويلة تسمى شرانق ، و إن تركت لتحولت إلى فراشة ، ولكن الفلاح يقتل أكثرها بتعريضها لدرجة
حرارة عالية ، و بعد قتلها توضع في ماء دافئ ، ثم تؤخذ منها الخيوط ، وعند لف الخيوط على بعضها
يصبح طولها 1,5 كم ، ولكن بعض الشرانق تترك حتى تنمو لتضع بيضاً جديداً ..
وهذه الخيوط التي أنتجت في هذه المرحلة لا تزال حريراً خاماً ، ولكنه لم يصل لمرحلة الخياطة ، فهناك
مراحل تنقية أخرى ، فهو يغسل جيداً ثم يجفف و يلف ، ثم يوضع في قدر من الصابون و الماء الحار ؛ لتنظيفه
و لإزالة صمغه الطبيعي ، ثم يصبغ باللون المراد ، و ينسج أخيراً على شكل ملابس .
و تعتبر الملابس التي تصنع من حرير طبيعي ذات قيمة عالية ؛ لشدة بريقها ونعومة ملمسها ، و مقاومتها للأوساخ .
و أول من أكتشف الحرير هم الصينيون ، ولكنهم اقصروا بمعرفتها على أنفسهم ، ثم تمكن اليابانيون من اكتشاف السر ، ثم انتقلت صناعته إلى الهند .
هذا بالنسبة لخيوط الملابس .. ولكن .. ماذا عن خيوط الجراحة ؟!
إن دودة القز قد أنتجت خيوطاً جديدة من نوعها ، و ذلك لمعالجة الأمراض الجلدية ، حيث قال العلماء إن الحصول
على مادة الكولاجين في المختبر ليست بالأمر السهل ، كما أشار الأطباء إلى أن هذا يعتمد على زراعة خلايا بشرية
في مفاعلات حيوية أو استخلاص مادة بروتينية من عمليات التبرع بالدم ، هذا بالنسبة للتقنية في الطب ..
ولكن ماذا عن دور دودة القز ؟!
إنها تصدر حوالي 60 ألف طن سنوياً من الحرير ، و شرانقها غنية بالبروتين ، ولكنها تحتاج إلى كميات
كبيرة من أوراق شجرة التوت حتى تنمو ..
ومن العجيب أن إنتاج الخيوط الحريرية ليس فقط من اختصاص دودة القز ، ولكن أيضاً العنكبوت
ينتج خيوطاً حريرية ، ولها نفس الملمس ، و المذهل أن قوة و متانة خيوط العنكبوت تبلغ خمسة
أضعاف متانة و قوة الفولاذ ، حتى إن بعض الجيوش تستعمله في صناعة دروع الحرب ، و كيفية ذلك :
إن العنكبوت ينتج الخيوط من فتحة صغيرة من جسمه ، و أصله أنه بروتين ممزوج بالماء يخرجه على شكل
خيوط من حرير ، ومن الأشياء الغريبة أن هناك شركة كندية لإنتاج الحرير أتت بخروف معدل وراثياً لينتج هذا
الحليب ، و يجعلون العنكبوت يتغذى به ثم يخرج الخيوط ؛ لأن العنكبوت لا ينتج هذا النوع من الخيوط إلا بعد
أن يتغذى بهذا الغذاء ..
و يستعمل خيوط العنكبوت في صناعة خيوط الصنارة و شباك الصيد و الخيوط الجراحية كذلك ، إلى
غيرها من الاستعمالات ..
المصدر : مجلة حياة ..