السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ..... وبعد :
وموضوع هذا الرد هو بحثاً انتشر كسابقيه انتشر في المنتديات ، مع مافيه من أخطأ ، ولكنه اُستقبل بالإعجاب ، والتشجيع في كل منتدى يدخله ! وسأبين بمشيئة الله أخطاء هذا البحث .
وقد زعم الباحث في هذا البحث أن ذو القرنين هو نفسه النبي سليمان عليه السلام ! وألغى أن يكون هناك رجل صالح لقبه ( ذو القرنين ) غير سليمان عليه السلام .
وأنا هنا لن أتعرض للتسلسل التأريخي ، لأن هذا الكاتب ، والمتعصبين له من النقلة الجهال يدعون أنهم لا يأخذون إلا بالقرآن أو بصحيح السنة ، وهم في الحقيقة أبعد ما يكونون عنهما .
أسأل الله العون والتوفيق ....... فبه أستعين :
قال : ( اليهود يسألون رسول الله عليه الصلاة والسلام, عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، فلا يجيب عليه الصلاة والسلام حتى ينزل وحي "الكتاب" بـ {ويسألونك عن ذي القرنين}!, ولكن اليهود لم يذكروا "ذا القرنين"، بل "الكتاب" هو الذي يذكر "ذا القرنين".
فمن "ذو القرنين"؟.. اذ لا يستوي أن يجاب عن مجهول بمجهول، إلا أن يكون ذو القرنين "عَلَما" ولو بدا مجهولاً لوهلتها، أقلها عن المتلقي الأول، رسول الله عليه الصلاة والسلام. )
على فرض صحة القصة أقول : بالطبع اليهود لن يسألوا النبي عليه الصلاة والسلام عن ( ذو القرنين ) لأنهم يريدوا أن يختبروه ويعلموا صدق نبوته .... فمن الحمق أن يسألوه ماذا تعرف عن ( ذو القرنين ) ؟ لأنهم إن فعلوا هذا سيكون بإمكانه ( في نظرهم ) سؤال أي أحد عن ( ذو القرنين ) ، فهم أرادوا تعجيزه لمعرفة صدق خبره .
فمن المناسب ومن الطبيعي أن يسألوه عن رجل .... وينتظروا منه أن يعطيهم خبره ... فكانت المفاجأة أنه أتى بخبره .
وقوله : ( اذ لا يستوي أن يجاب عن مجهول بمجهول، إلا أن يكون ذو القرنين "عَلَما" ولو بدا مجهولاً لوهلتها، أقلها عن المتلقي الأول، رسول الله عليه الصلاة والسلام. )
وهل ( ذو القرنين ) مجهول حتى يقول : لا يستوي أن يجاب عن مجهول بمجهول ؟!
ثم أنه في بحثه هذا يقول أن اليهود لا يعلمون أن ( ذو القرنين ) هو سليمان عليه السلام ..فقد قال : ( وكأنه كان مستخفياً بهذا "الاسم الحركي" عن كثير ممن حوله ومن قومه من بني إسرائيل، وهذا ما يرد سؤال من يسأل، كيف لم يعرف أهل الكتاب أو كيف لم نسمع منهم عن "سليمان ذي القرنين"؟، فلعله بهذا استخفى عنهم )
وهذا ينقض قوله هذا ... لأنه في هذه الحالة يُعتبر أجابهم بمجهول عن مجهول على حسب قوله !
فهم سألوه عن رجل ... فقال لهم : هو ذو القرنين .... إذاً من هو ذو القرنين وهم لا يعلمون أنه هو سليمان ؟ فيكون أجابهم بمجهول عن مجهول .
( ذو القرنين ) يعتبر علماً عند اليهود فهم سألوه عن رجل معلوم لديهم وليس مجهولاً ... وهو بلقبه هذا يعتبر علماً حتى عند المسلمين .
وقوله : ( ولو بدا مجهولاً لوهلتها، أقلها عن المتلقي الأول، رسول الله عليه الصلاة والسلام. )
لا أدري ماذا يقصد بهذا .... هل يقصد أن النبي عليه السلام لم يعلم عن حقيقة ذو القرنين وأنه هو سليمان عليه السلام !
إن كان يقصد هذا .... فهذا يعني أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يتدبر القرآن الكريم على حسب بحثه .
أما إن قال أن النبي عليه الصلاة والسلام علم بهذا فأخفاه ... نقول له : أعطنا دليلك !
لنا لقاء بمشيئة الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـــــ
تابع :
قال : ( ثم يبدأ القرآن بسرد وصفه وما له, {إنا مكّنا له في الأرض ، وآتيناه من كل شيء سبباً}, فلنبحث في هذا الكتاب الذي يصدق بعضه بعضاً ويبين كل شيء، عمّن اُوتي من كل شيء .......... إلخ .
ثم قال : ( فمن هذا الذي أوتي من كل شيء؟, إنها صريحة بينة في سورة النمل على لسان سليمان بن داود {وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير واُوتينا من كل شيء}, وهي له هو من غير منازع {وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي}. )
هذا أسلوب مضحك ، أن يبحث عمن تنطبق صفاته لمعين في ذهنه ، ثم يقول هذا هو !
فهذا ليس دليلاً على أن يكون ( ذو القرنين ) هو نفسه سليمان عليه السلام ، فلا يوجد مانع من أن يكون ذو القرنين أُوتي من كل شيء سبباً ، فملكة سبأ أيضاً أُوتيت من كل شيء .... ولكن ملك سليمان عليه السلام كان أعظم ... وزاد عظمة بعد دعاءه .
فالزمن كان زمن حضارة وملك وقوة .
ثم أنه بإمكاني أن أقول : أن دعوة سليمان لا تمنع أن يكون أحد قبله قد أُوتي مثل ملكه ... وربما يكون ذو القرنين كان قبل سليمان عليه السلام...( وهذا ما يؤكده التأريخ )
ماسبق كلام جدال ليس إلا ... لأبين فقط أنه لا يستطيع أن يثبت صحة قوله بدون دليل صريح .
والآن أبين لكم معنى ( وآتيناه من كل شيء سبباً ) فالمقصود كما ذكره المفسرون ( بالمعنى ) : من كل شيء علماً مما يؤتى مثله من الملوك فيسر الله له الطرق والوسائل في فتح الأقاليم وإذلال أهل الشرك. فقد أوتي من كل شيء مما يحتاج إليه مثله سببًا .
وليس كما فهمه هو أنه ملك حسي بحيث أنه يملك الجن والريح كما كان سليمان عليه السلام .
فهو كان له ملك عظيم فهو من الممكنين في الأرض ... فآتاه الله الملك والعلم والذي من خلاله يستطيع أن يطوف مشارق الأرض ومغاربها ، ويدعو إلى الله ويصلح الناس ، ويعينهم في بعض شؤونهم ، وينصرهم على من ظلمهم ... فليس هذا خاصاً بسليمان عليه السلام .
فلا يوجد تعارض بين قولنا : أن ( ذو القرنين ) مكن الله له في الأرض وآتاه الله من كل شيء سبباً ... وبين قولنا : أن سليمان عليه السلام مكن الله له في الأرض وآتاه الله من كل شيء وملكاً لم يؤته أحد من بعده .
فهذا لا يصلح أن يكون دليلاً يُعول عليه .
والمرء يتعجب ممن يصدق مثل هذا الإستخفاف بالعقول ... فهل لأن هذا تطابق مع هذا يكون هو نفسه ؟ !!
وسيأتي بعض الاستخفاف ... ولا حول و لاقوة إلا بالله ... فكيف يُجعل مثل هذا من التدبر في القرآن ؟!
لنا لقاء بمشيئة الله .
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال : ( {فأتبع سببا}.. ولعلها من أكثر ما يتجاوزه المفسرون، فلا يقفون لها على بينة، وهي في ذاتها منكّرة، ولعلها من أظهر أدلة "سليمان" على "ذي القرنين"، في هذا "السبب" الذي "يَتّبعه" أو "يُتبعه" بالقراءات الأخرى المتواترة, فيبلغ بما اتّبع أو أتبع أقصى الأرض وقرنها الغربي, ثم يتبعه مرة أخرى فيبلغ شرق القرن الأقصى، فما هذا "السبب" الناقل المستخفي؟. )
يقول : ولعلها من أظهر أدلة سليمان على ذي القرنين .... وأنا أقول : لعل هذا من أظهر الأدلة على جهل هذا الرجل .
قوله : ( ولعلها من أكثر ما يتجاوزه المفسرون، فلا يقفون لها على بينة )
هذا كذب على المفسرين ... وهذه عادته لعلمه أنه يخاطب عوام . ولعلمه أن من يقرأ له ليس لهم إطلاع على كتب التفسير .. فمن السهل عليه أن يُظهر لهم صعوبة الأمر وأن المفسرين قصروا عنها ... إلخ مما يوهم الجهال أن الأمر ملتبس وبحاجة إلى تفكير وتفكيك وتحليل ... فإذا استدرجهم بهذا الأسلوب يفاجئهم بالحل ... فينبهرون بهذا الحل وأنه لا يوجد حل إلا هذا !
فهذا هو أسلوبه في جميع بحوثه الإغماض والتشويق والتهويل ... لذلك أنت تتعجب أن من ينقل عنه يجزم بصحة الأمر ، في حين أنه هو نفسه لا يجزم ( بل هو متناقض ) !
وهذا من عجائب الناقلين ، ومن غرائب المنقولات ! المنقول عنه يشك ويظن ... والناقل يجزم ويتيقن !
هذا على أن الكاتب متناقض فتارة يجزم وتارة يقول أنه يظن في نفس البحث !
والمفسرون ذكروا المعنى على القراءتين وحاصلها أنه : سلك طريقاً واتخذ سبباً يوصله إلى ما يريده ، ويتبع الطريق طريقاً آخر .. وكان مجداً مسرعاً حثيثاً في الطلب .
فالاختلاف هو من اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد .... فالمفسرون يفسرون القرآن باللغة العربية التي نزل بها القرآن .
وأنا أسأل القاريء الكريم ... أنت طوال عمرك وأنت تقرأ هذه السورة ... هل فهمت من القصة غير ما ذكره المفسرون ؟!
بل ربما لظهوره ووضوحه لم يخطر على بال أحد أن يذهب إلى كتب التفسير ويرى معنى هذه الآية !
فمن خلال سرد القصة في السورة المعنى واضح ... لا يحتاج إلى تعقيد وإلغاز وغموض ... وهذا هو القرآن ميسر في القراءة وفي المعنى .
قال جواباً عن سؤاله الذي استشكله : ( "الكتاب" صاحب الجواب.. فلا يذكر الله فيه سليمان إلا ويذكر أول ما يذكر "الريح", نجدها في "سبأ" {ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر}, وفي سورة "الأنبياء" {ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره}, فها هي "عاصفة تجري" والريح "سبب" الطاقة الظاهر، وهي في ذاتها "طاقة" بالمفهوم الفيزيائي المتحرك, كما في سورة الأحقاف {تدمر كل شيء بأمر ربها}, وهو وصف دقيق للطاقة الكامنة التي تنتجها الريح، وآية الشورى تصدق هذا،{ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام، إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره}.
"والكتاب" يحمل الريح على معنى القوة والقدرة كما في سورة الأنفال {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}, أي قوتكم وقدرتكم وطاقتكم!. )
هذا الاستخفاف والاستغفال ... سأواجهه بسؤال : لماذا جعلت الريح هي السبب ؟
أنا سأقول : أن السبب هو ( الخيل و البغال والحمير والإبل ) والكتاب صاحب الجواب : ( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ{5} وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ{6} وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{7} وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) .
فما الذي يمنع أن يكون ( ذو القرنين ) استعمل هذه ؟ لا يوجد إلا التحكم ، حتى يبرهن أن سليمان هو ذو القرنين !
أعطنا دليلك الصريح لنسلم لك ... أما أن تعطف الأدلة لتوافق هواك فهذا لا يقبله إلا من عطل عقله ، وسلمه لك .
قال : ( والفلك التي تجري في البحر والسماء والأرض**, تجري "بسبب" الريح، بـ"أتبع" دفعاً أو بـ"اتّبع" جراً وسحباً. )
وما الذي يمنع أن ( ذو القرنين ) استعمل هذا ؟ فهل هذا خاص بسليمان عليه السلام ؟
نحن اليوم نستخدم الريح في السفر جواً وبحراً ... فهل نعتبر أوتينا من كل شيء ، تماماً مثل ما أُوتي سليمان عليه السلام ؟
بالطبع . لا . إذاً سأقول تحكماً ( مثله ) : ما الذي يمنع أن يكون ( ذو القرنين ) استعمل الطائرات والسفن . ما الذي يمنع ؟
المقصود أن تحليله هذا الذي ذكره تحليل خاطيء .. ولا يختص التنقل بالأسباب على سليمان عليه السلام وحده ... فجميع الناس ومنهم ( ذو القرنين ) يتنقلون بأسباب على اختلافها .
ولكن إغرابه وتهويله للأمر جعله يضمن أن القاريء الغير فطن الغى عقله وسلمه له فقال :
( فنرى "سليمان ذا القرنين", لا ينتقل إلا بهذا "السبب" في انطلاقاته الثلاث. )
فجزم بأن السبب هو الريح .... ولكن أين الدليل من القرآن أو السنة أن السبب الذي اتخذه ( ذو القرنين ) هو الريح ؟ حتى نجزم بأنه هو سليمان عليه السلام .
فليأتنا الناقلون والباحثون الذين يقولون أنهم لا يتكلمون إلا بالدليل بهذا الدليل !
والآن نرد عليه بنفس قوله : و نحمد الله الذي علمنا كيف نسأل عن الدليل بقوله تعالى : " قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ، إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون " .
كما نرى أيضاً أنه جزم بأن سليمان هو ( ذو القرنين ) !!
أرأيتم ، هذا هو أسلوبه يتساءل ويُغرب ويُشكل الأمر ... ثم يعطي الإجابة على أنها دليل ، وهي دعوى بحاجة إلى دليل .
وأنا أعلم أن بعض القراء يتعجب مني ، بأن مثل هذا الكلام والهذيان ليس بحاجة إلى رد وبيان ... ولكن ماذا نفعل وقد اُبتلينا بمن يتخذ مثل هذه البحوث على أنها حقيقة وأنها من التدبر في القرآن ! وينقلوها لكثير من المنتديات ! وللأسف أن هذا يدل على أن النقلة لا يتدبرون القرآن !
وهذا من العجائب أيضاً ينقلون ما يزعمون أنه تدبراً للقرآن ... وهو دليل على أنهم لا يتدبرون القرآن !
وسأفاجئ النقلة بحديث صحيح ... ولكن لنا لقاء بمشيئة الله .
ــــــــــــــ
** لعل كلمة ( والسماء والأرض ) جاءت منه سهواً .
.