التنين .. حيوان خرافي
التنين حيوان خرافي نسج الإنسان حوله الروايات والأساطير ما شاء له خياله ، ولم تقتصر تلك الروايات على جماعة بشريه دون أخرى ، أو جيل دون أخر ، فقد لعب التنين دوراً في الخرافات والعبادات لمختلف الشعوب وشتى العصور.
والكلمة (dragon) اشتقت عن طريق الفرنسية واللاتينية من الإغريقية
(spakwr) والتي اقترنت مع كلمة
(sepkoual) والتي تعني (يرى) فترجمت إلى (ثاقب النظر) ويرادف الكلمة بالإنكليزية (drake) " تنين " أو (fire-drake) تنين نار.
والتنين في الأساطير مهما كان شكله يبقى جوهرياً أفعى. وتروي أحد الأساطير اليونانية أن البطل (سيجفر يد) استطاع أن يفهم لغة الطير عندما تذوق دم التنين
التنين في المصادر العربية
ورد مصطلح التنين في الكثير من المؤلفات العربية والقواميس اللغوية ، وهي حقيقة علمية وواحدة من أبرز الظواهر الجوية وأن كان هنالك اختلاف جلي في التسمية والتفسير، يقول المسعودى ( اختلف الناس في التنين: فمنهم من رأى أنه ريح سوداء تكون في قعر البحر فتظهر إلى النسيم وهو الجو ,فتلحق السحب كالزوبعة ,ماذا صارت من الأرض واستدارت وأثارت معها الغبار ثم استطالت في الهواء ذاهبة الصعداء توهم الناس أنها حيات سود قد ظهرت من البحر لسواد السحاب , وذهاب الضوء وترادف الرياح ).
وذكر القزويني للتنين في كتابيه المشهورين الاول كتابه " آثار البلاد وأخبار العباد " والأخر كتاب " عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات " فيروي لنا بأنه ( ظهر بأرض حلب سنة اربع وعشرين وستمائة تنيناً عظيماً بغلظ منارة وطول مفرط ينساب على الارض يبلع كل حيوان يجده ويخرج من فمه ناراً تحرق ما تلقاه من شجر ونبات واجتاز على بيوت احرقها والناس يهربون منه يميناً ويساراً ) ثم يذكر في موضع أخر فقال: أنه قد ظهر في مدينة كلز التي تقع بين حلب وانطاكية ( فما مر على شيء إلا أحرقه حتى احترقت مزارع واشجار كثيرة )
الدميري
كان التنين في الأساطير حيوان خرافي، تناولت الكتب العربية موضوع الحيوان، وأول تلك الكتب كتاب ( حياة الحيوان الكبرى ) للدميري
يقول الدميري أن كنية التنين ( أبو مرداس ) ويذكر عن النبي موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام كان قد حارب التنين بعصاه حين ظهر في طريقه ويؤكد الدميري بأنه أكله حرام لأنه من جنس الأفاعي.
كما يذكر بعض الخرافات بأن أكل لحم التنين يورث الشجاعة والقوة وإذا رآه المريض في منامه دل على قرب موته.
المسعودي
أشار المسعودي في ( مروج الذهب ومعادن الجوهر ) أن هناك أختلاف في أمر التنين فقال ( وقد أختلف الناس في التنين، فمنهم من رآى أنه ريح سوداء تكون في قعر البحر فتظهر إلى النسيم وهو الجو فتختلف السحب كزوبعة في الهواء ذاهبة الصعداء توهم الناس أنها حيات سود وقد ظهرت من البحر لسواد السحاب ، وذهاب الضوء وترادف الرياح ).
وقد أورد المسعودي كلام بالنص لأن تفسيره أقرب إلى الحقيقة.
كما يرى جماعة أن التنين عبارة عن دواب في قعر البحر تؤذي البحر ولاتمر على شيء إلا تهدمه وتحرقه ثم يبعث الله عليها بالسحاب والملائكة فيخرجونها حيث تلقيه السحاب في بلاد يأجوج ومأجوج .. ثم يموت التنين عند تحول السحاب إلى مطر .
القزويني
لقد فتح العرب المسلمون الارض من الهند والصين شرقاً حتى بلاد الاندلس غرباً فأهتم العرب بوصف البلدان وعادات الأمم وطابعها وما بديارها من أثار وعجائب وأساطير وخرافات
كما قام بعض الرحالة والتجار والمغامرين برحلات برية وبحرية ، واشهر هؤلاء الرحالة القزويني فقد ذكر في كتابيه المشهورين ، الاول كتاب ( آثار البلاد وأخبار العباد ) والأخر ( عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات ) .
يذكر في أحد مواضيعه ، حيث قد ظهر في مدينة (كلز) التي تقع بين حلب وأنطاكية ( فما مر على شيء إلا أحرقه حتى أحرقت مزارع وأشجار كثيرة )
أما في كتابه ( عجائب المخلوقات ) ذكر في بحر فارس تنين في فمــه ( أنياب مثل أسنة الرماح وهو طويل مثل النخلة وهو أحمر العينين مثل الدم ، كرية المنظر جداً )
يتبين لنا مما سبق كيف صور التنين على أنه وحش خرافي يسكن البحار والغابات ، وكيف نسج الرحالة والمؤرخون وجامعوا الغرائب والعجائب والأوهام والأساطير حوله . ولكن هل كان التنين حقاً بهذا الشكل الاسطوري الخرافي ، أو بعبارة أخرى محددة : ماهي حقيقة التنين ؟
في الواقع أن التنين ظاهرة مناخية أي تدخل ضمن مايسمى بعلم المناخ أو الأرصاد الجوي (meteorology ) بأعتبار أن التنين ماهو إلا تلك الرياح المدمرة والتي تسمى بالأعاصير (cyclone)، أو العواصف الدوارة أو الانخفاضات الجوية او التايفون او التورنيد .. ذكره أزهر حسين في الجوانب المناخية
التنين في الفلك
يذكر أبن منظور في لسان العرب أن التنين ( نجم من نجوم السماء وقيل ليس بكوكب ولكنه بياض خفي جسده في سته بروج من السماء ، وذنبه دقيق أسود فيه ألتواء ، يكون في البرج السابع من رأسه وهو ينتقل كتنقل الكواكب الجواري )
وهناك من يزعم أنه يسير في كل برج ثمانية عشر شهراً .. كما ذكر الدينوري في الأنواء عند العرب
ويروي أبن المكرم أن رأس التنين يعد من السعود بينما خفية يعد من النحوس
أما أبن الأعربي فيروي عن العرب بأنه عند بنات نعش كوكب يقال له الحية ورأس الحية مثل رأس الخلخال والتنين فيما وصفه المنجمون هناك.
التنين كموقع جغرافي
لم تقتصر الروايات والأساطير بذكر التنين كحيوان خرافي فحسب ، بل تعدى
ذلك إلى تسمية بعض المواقع الجغرافية بأسمه ، فمرة يذكر ابن منظور أنه (موضع في الماء) ولا تضيف أكثر من ذلك فتبقى العبارة غامضة وقد يكون هذا الموضع بحراً أو خلجان أو جزيرة ، وفي روايات أخرى تذكر على أنه جبل يسمى (جبل التنين ) فيذكر المسعودي ، مثلاً وهو في معرض حديثة عن خابور دجلة فيقول أنه ( بعد مخرجة من عين البطريق في أرمينية يمر بين جبل الجودي وجبل التنين ).
أما البغدادي صاحب مراصد الأطلاع فيقف مع المسعودي على أن (جبل التنين من أعمال الموصل قرب جبل الجودي ).