" قِيَاسَاتُ الزَّمَنِ "
يَلْعَبُ الْوَقْتُ دَوْراً أَسَاسِيّاً مُؤَثِّراً فِي حَيَاتِنَا
فَنَحْنُ نَسْتَيْقِظُ وَنَبْدَأُ الْيَوْمَ فِي تَوُقِيتٍ مُعَيَّنٍ ، وَيُزَاوِلُ كُلُّ مِنَّا نَشَاطَهُ خِلَالَ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَيَخْلَدُ إِلَي الرَّاحَةِ والتَّرْويِحِ عَنِ النَّفْسِ في وَقْتٍ آخَرَ ، وإِذَا أَراَدَ السَّفَرَ رَجَعَ إِلَي جَدْوَلِ مَوَاعِيدِ الْقِطَارَاتِ أَوِ الطَّائِرَاتِ
حتى أعْضَاؤُنَا الدَّاخِلِيَّةُ في الْجِسْمِ ، تَتَحَرَّكُ بِفَتَراَتٍ زَمَنِيَّةٍ مُحَدَّدَةٍ تُمَثِّلُ إِيقَاعاً حَيَوِيّاً لِكُلِّ عُضْوٍ ، فَالْقَلْبُ يَضُخُّ الدَّمَ في أجْزَاءِ الْجِسْمِ بإِيِقَاعٍ خَاصًّ ، وتَسْتَقْبِلُ الرِّئَتَانِ الْهَوَاءَ في إِيقَاعٍ آخَرَ ، ونَنَامُ فَتَرَاتٍ مُعَيَّنَةً بإِيقَاعٍ ثَالِثٍ وهَكَذَا
كذلِكَ النَّبَاتُ فَمِنَ الزُّهُورِ مَا تَتَفَتَّحُ معَ شُرُوقِ الشَّمْسِ ، ومِنْهَا مَا تَتَفَتَّحُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ
والطُّيورُ تَقْطَعُ آلافَ الكِيلُومِتْرَاتٍ وتَنْتَقِلُ مِنْ قَارَّةٍ إلَي أُخْرَي في تَوْقيِتٍ مُحَدَّدٍ وعَلَي خَطِّ سَيْرٍ ثَابِتٍ
وَلاَ عَجَبَ إِذَا قِيسَتْ حَضَاَرةُ الشُّعُوبِ بِوَعْي الْأَفْراَدِ بالزَّمَنِ وقِيمَةِ الْوَقْتِ والمحافَظَةِ عَلَي الْمَواَقِيتِ بِتَنَاغُمٍ حَضَارِي مَعَ إيِقَاعَاتِ الزَّمَنِ الطَّبِيعِيَّةِ في الْكَوْنِ وَفي الْأَجْسَامِ
وفي هَذَا الْكِتَابِ " قِيَاسَاتُ الزَّمَنِ " نَسْتَعْرِضُ مَعاً مَفْهُومَ الزَّمِنَ وتَقْسِيمِهُ إلي أَوقْاَتٍ ، وَوِحْدَةَ قِيَاسِ الزَّمَنِ ، والمعَايِيرَ الطَّبِيعِيَّةَ لِقِيَاسِ الْأَوْقَاتِ وَحِسَابَ التَّوقْيِتَاتِ ، والوَسَائِلَ المُعِينَةَ علي ذَلِكَ ، وحَاجَةَ الإِنْسَانِ مَعَ تَقَدُّمِهِ الْحَضَارِي إلي تَقْسِيمِ الثَّانِيَةِ إلي أَقْسَامٍ مُتَنَاهِيَةٍ في الصِّغَرِ وَصَلَتْ إِلَي الفيتو ثَانِيَة